ملاحظة: سمعت هذه القصة من راعي الكنيسة الذي اطّلع عليها من خلال رسالة إلكترونية وصلته من صديق، فأثّرت بي تأثيراً عميقاً؛ فرأيت من ثمَّ أن أصوغها في قالب قصصي فنّي من غير أن أُخِلّ بالمعنى على أمل أن يجد فيها القارئ المغزى الروحي الذي يحفزه على التأمل الجدي في عمل المسيح الفدائي على الصليب.
جلست “هيام” على أريكة وثيرة على شرفة منزلها المطلة على الشارع الرئيسي. كانت الساعة حوالي العاشرة صباحاً، ونسمات الربيع الباردة ما برحت تهبّ على وجهها بنعومة وتعبث بخصلات شعرها الطويلة المتهدّلة على كتفيها. وعلى الرغم من هدير السيارات التي كانت تصخب فوق الطريق المزفتة فتصرّ بعجلاتها الصارخة، فإنها كانت مستغرقة في أفكارها المظلمة التي كانت تحملها إلى عالم غريب مفعم بالأسى والحيرة والخوف والأمل! عالم معقد لا تجد فيه مهرباً. فمنذ زمن بعيد يقارب العشرين سنة أصيبت بالعمى ووجدت نفسها تعيش في ظلمة دامسة حملت إليها حكم الموت وهي ما زالت على قيد الحياة. صحيح أنها ليست العمياء الوحيدة على ظهر هذه الأرض، فهناك الآلاف من مثيلاتها يقاسين من ظلم الدهر، ولكنها في هذه اللحظة تشعر وكأن الدنيا قد أطبقت عليها وأنها تعاني من إحساس يائس يدفعها للانتحار. وتساءلت في نفسها:
ماذا يحدث لو تسلّقت حاجز الشرفة وألقيت بنفسي إلى الطريق العام، ألا يكون هذا أفضل لي من أظلّ أعيش في ظلمة العمى؟ إنني أعاني الآن من الوحدة.. وحدة أشدّ قوة من الموت نفسه. لماذا سمح الله لي أن أُصاب بالعمى؟
وبدا لها وكأنها في حلم، أَن صوت “فؤاد” يرفّ في أذنيها بحنان وعطف قائلاً:
يا “هيام”، لا يستطيع أحد أن يجيب عن كل التساؤلات التي تخطر على بال كل إنسان. إن هناك أموراً فوق إدراكنا، وخير لنا لو ألقينا كل همنا على الله لأنه وحده القادر أن يجيب عما يخالج صدورنا من خواطر.
وفكرت “هيام” بكلمات “فؤاد” التي همس بها في أذنيها منذ أكثر من أسبوعين. إن “فؤاد” الذي تعرّفت إليه منذ أكثر من سبعة أشهر أصبح صديقها المفضّل الذي ترتاح إلى حديثه، ويطمئنّ قلبها إليه؛ وإنها تدرك بشيء من الغموض أن عاطفة ما ابتدأت تنمو في نفسها نحوه، وهذا أكثر ما كانت تخشاه. إنها لا تعرف عما يكنه قلبه نحوها من عواطف، فقد يكون اهتمامه بها منبثقاً عن الشعور بالشفقة. إن كل ما تحسّ به أنه يحاول أن يكون لها صديقاً يؤنس وحدتها، ويخفف من آلامها، ويشجعها على التحرّر من هموم كآبتها، ومن الشعور باليأس. ولكن هل يضمر قلبه لها حباً؟ وكيف يمكنه أن يحب فتاة عمياء لا تستطيع أن توفّر له الهناء وتشاركه في مباهج الحياة وروائع الطبيعة؟ ومع ذلك، نعم، مع ذلك، فإنها في كل مرة تلتقي به عندما يأتي لزيارتها تشعر بدفء كلماته تتسرّب إلى نفسها وتنتابها موجة من الغبطة تفتقد إليها عندما يكون بعيداً. ولعلّ هذه الرابطة هي التي كانت تمنعها من الإقدام على الانتحار.
تنفّست “هيام” الصعداء” بملء رئتيها، وحدّثت نفسها:
لو كنت أتمتّع بنعمة البصر، هل يمكن أن أتزوّج من شخص مكفوف؟ إنني أشكّ بذلك. فكيف، إذن، أتوقّع من مُبصر أن يُقدم على الزواج مني أو أن يحبني؟
خيّم عليها الانقباض من جديد، وخُيِّل إليها أنها توغل في دنيا مخيفة مفعمة بالرعب. إنها واثقة أنها ستظل وحيدة وسيأتي ذلك اليوم الذي تفقد فيه والديها، ويتزوّج أخوها، وتصبح هي هائمة في عالم رهيب لا يكترث بها أحد. فجأة أخذت العبرات تنهمر من عينيها بصمت..
وسمعت صوت أمها يناديها:
“هيام”، لقد جاء “فؤاد” لزيارتك.
أحسّت “هيام” بدبيب خطوات “فؤاد” على الشرفة، وارتعش صوته في مسمعها قائلاً:
صباح الخير يا “هيام”.
فأجابته بصوت متهدّج:
صباح الخير يا “فؤاد”.. تفضّل اجلس على هذه الأريكة.
لاحظ “فؤاد” أن عينيها تغصّان بالدموع، ولكنه لم يقل شيئاً. وانقضت فترة من الصمت مثقلة بالانقباض؛ ثم تساءل:
كيف أنتِ اليوم؟
لست أدري يا “فؤاد”؛ إنني أشعر..
وقاطعها “فؤاد” قبل أن تتم جملتها قائلاً:
كيف تشعرين إن قلت أنني أحبك وأريد أن أتزوّجك؟
ندّت عن صدرها صرخة خافتة ثم اعتراها الارتباك، أرادت أن تعترض أو أن تقول أي شيء له، ولكن العجز لجم لسانها..
ألا تقولين شيئاً؟
إنني، إنني…
ارتجفت شفتاها، ثم بكثير من الصعوبة همست:
كم أتمنّى لو أرى وجهك ولو للحظة واحدة قبل أن أجيبك.
أخلد “فؤاد” إلى السكينة، ثم أجاب:
أعدك أنك سترين وجهي لا لفترة قصيرة بل ما دمت على قيد الحياة.
بعد ثلاثة أسابيع من هذا اللقاء اتصل بها مستشفى العيون وأخبرها أن هناك من تبرّع لها بعينيه، وما عليها سوى أن توقّع على الأوراق الرسمية لإجراء العملية الجراحية. وعندما أطلعت “فؤاد” على هذه الأنباء السارة شاركها في فرحتها وقال لها: سأذهب معك عندما تنهين معاملات هذه العملية، وسأكون حاضراً معك عندما تجرينها.
وأُجريتْ العملية بنجاح، وعندما أزف الوقت ليرفع الطبيب الضمادات التي كانت تغطي عينيها، طلبت أن يكون “فؤاد” معها في الحجرة ليكون وجهه أوّل ما تقع عيناها عليه.
أزاح الطبيب الضمّادات عن عينيها، وانقضت برهة قبل أن تتبيّن ما يدور حولها؛ فشاهدت أمامها شاباً وسيماً يحدّق إليها بمحجرين مظلمين، فاحتارت على شفتيها كلمات راعشة من غير أن تنطق بها… وسألها “فؤاد”:
والآن، هل تتزوّجيني؟!!
اعتصمت بالصمت، وعلا محيّاها الوجل، ثم قالت بصوت بطيء:
لا أستطيع أن أتزوّج شخصاً مكفوف البصر.
استولى على الحجرة سكينة مليئة برائحة الموت. ثم استدار “فؤاد” على عقبيه، وتحرّك نحو الباب بمساعدة الطبيب، ولكنه قبل أن يغادر الغرفة التفت نحو “هيام” وقال لها:
رجائي الوحيد أن تعتني بعينيّ اللتين وهبتهما لك!
وانطلق إلى الخارج بخطى بطيئة حزينة!
عزيزي القارئ، إن المسيح الذي تنازل عن جميع أمجاده وتجسّد آخذاً صورة عبد قد جاء إلى هذا العالم لكي يفتديك من خطاياك ويهب لك الحياة الأبدية. إن المسيح لم يبذل لك عينيه فقط لكي تكون لك البصيرة الروحية بل بذل حياته كلها من أجلك ومن أجلي لكي نتحرر من عبودية الخطية وظلمات الجحيم. وما أروع أن تنفتح عيون قلوبنا فلا نرى أمامنا سوى الفادي الذي أحبنا حتى الموت. أرجو أن لا نتنكّر له كما تنكّرت ”هيام“ لمن أحبها حباً جعله يضحّي بعينيه من أجلها، ومع ذلك تنكّرت له ورفضته. إن يسوع المحب سيصبح عن قريب ديّان العالمين فلا تهمل خلاص نفسك.
يا رب شكرا لاجل خلاصنا بموتك وقيامتك
ربنا يباركم
امين يا رب
امين يا رب
ربنا يباركك اختي العزيزة
امين قصة تعطي معنى المحبة الباذلة كمحبة الرب يسوع لنا وخلصتا.
ربنا يبارك الجميع
يا رب نعلن حاجتنا الى شخصك واشواقنا ان نمتليء من نورك
ربنا يبارك حياتكم وخدمتكم
امين يا رب
امين يا رب
ربنا يباركك اختي العزيزة
يا رب ارسل لنا يا رب معونتك الروحية واشفي قلوبنا وارواحنا وعزينا بالكلمة المقدسة
سلام الرب معكم
امين يا رب ارسل رحمتك
امين يا رب
ربنا يباركك اخي العزيز
قصة معبرة يارب نقدر عملك الذي صنعته لاجلنا ونعطيك المجد والكرامة
ربنا يبارك الجميع اخوتي واخواتي الافاضل