هل تعرف أن هذا هو أول سؤال يسأله الله في الكتاب المقدس؟ أرجو أن تفتح كتابك المقدس لتقرأ قصة هذا السؤال في سفر التكوين الإصحاح الثالث. لقد كان آدم وحواء يعيشان في الجنة ويتمتعان بكل ما فيها، وكان الله يتحدث إليهما مباشرة، وهما يفرحان بوجوده معهما. ولكن حدث شيء مفاجئ غيّر الحال، وعندما أتى الله كعادته ليتحدث معهما إذا بهما يختبئان وراء الأشجار. هل تعرف ما هو السبب؟ لقد كانا في وضع خاطئ. وعندئذ نادى الله آدم قائلاً «أين أنت؟». ألم يكن الله يعرف مكانه؟ طبعًا كان يعرف، لأنه يرى كل شيء. لكن بسؤاله هذا أراد أن ينبه آدم إلى وضعه الخاطئ، ثم يقوده إلى الوضع الصحيح.
والآن ماذا عنك أنت؟ بماذا تجيب إذا سألك الله نفس هذا السؤال الذى سأله لأبيك الأول آدم منذ حوالى ستة آلاف سنة؟
أولاً: أين يوجد قلبك؟
يقول الرب يسوع في متى6 : 21 «لأنه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا». فما هو كنزك؟ أي ما هو أثمن وأعظم شيء لديك؟ المال، الجمال، الشهرة، المسرات، الأصدقاء، العلم؟!
لقد قال بولس الرسول عن نفسه في فيلبى3: 8 «خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لأربح المسيح»، أو بتعبير آخر يقول إن كنزي هو المسيح، وكل شيء آخر بالنسبة له هو بلا قيمة. هل تستطيع أنت أن تقول ذلك من كل قلبك؟
ثانيًا: أين يوجد فكرك؟
ما هو الشيء الذى يشغل فكرك دائمًا؟ أين يذهب فكرك عندما تجلس منفردًا مع نفسك؟ هل ما يشغلك هو طموحاتك ورغباتك الجسدية؟ لقد ذكر الرب يسوع مثلاً عن إنسان غنى في لوقا12: 16 -20، كان له هذه النوعية من التفكير، جلس مع نفسه وفكر قائلاً «يا نفسُ لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريح وكلى واشرب وافرحي فقال له الله يا غبى».
هل تشكو من وضعك الحالي ومن أنك لا تستطيع التغلب على أمور كثيرة في حياتك؟ افحص أفكارك وأنظر ماذا ينتجه قلبك من أفكار؟ فأفكارك هي التي تحدد أسلوب حياتك.
ثالثًا: أين تسكن؟
طبعًا لا أقصد بذلك ما هو عنوانك؟ بل أين هو مكان راحتك؟ مع من تُقيم؟ لقد قال الرب يومًا في سفر الرؤيا2: 13 «أنا عارف… أين تسكن، حيث كرسي الشيطان». هل يمكن أن ينطبق هذا عليك؟ اسأل نفسك: من هو الذى يتحكم في حياتك؟ أصدقاؤك، وسائل الإعلام، أو المجتمع المحيط بك؟ أم ينطبق عليك من الجهة الأخرى قول الرب الذى قاله قديمًا لزكا في لوقا 19: 5 «ينبغى أن أمكث اليوم في بيتك». هل يقيم الرب يسوع معك داخل حياتك؟
رابعًا: أين تسير؟
هل تعرف الطريق الذى تسير فيه حياتك؟ إنه سؤال خطير لأن كل طريق له نهاية محدده. هل أنت مطمئن أنك تسير في الطريق الصحيح الذى يوصلك إلى السعادة الحقيقية والأمان الأبدي؟ أم أنك تسير في الطريق الذى يسير فيه الأغلبية حولك؟ احذر فسليمان الحكيم يكتب في أمثال14: 12 «توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت»، كما ينصح أيضًا «يا بنى لا تسلك في الطريق معهم امنع رجلك عن مسالكهم». كما قال الرب يسوع في متى7: 13 «واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى إلى الهلاك».
هل وجدت الطريق الصحيح الذى هو الرب يسوع نفسه الذى قال قديمًا «من يجدني يجد الحياة وينال رضى من الرب» (أمثال8: 35).
لقد كان جواب آدم «سمعت صوتك فخشيت لأنى عريان فاختبأت». هل أنت في نفس الوضع؟ هل تهرب من الله؟ هل اكتشفت خطورة وضعك؟ هيا بنا لنأخذ خطوات عملية لتصحيح الوضع.
أولاً: إعترف بحالتك كما هي
لا تحاول وضع مبررات لما أنت فيه. لا تستمع لخداع إبليس. قل مع داود «إختبرني يا الله وأعرف قلبي أمتحني وأعرف أفكاري وأنظر إن كان فيّ طريق باطل وأهدني طريقًا أبديًا» (مزمور139: 23 -24).
ثانيًا: ارجع إلى الله من كل قلبك
إنك عاجز عن إصلاح حالتك بمجهوداتك الشخصية، كل ما عليك أن تصرخ إلى الله من كل قلبك برغبة صادقة في تغيير طريقك واثقًا فيه ومتكلاً عليه. ثم خذ خطوات فعلية للرجوع إليه عمليًا في حياتك، كما فعل الابن الضال في لوقا15: 20 «فقام وجاء إلى أبيه».
ثالثًا: ثبّت نظرك على الرب يسوع وأنت تسير في طريقك
لتكن لك علاقة وشركة يومية مع الرب يسوع. ليكن شعارك «جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع» (مزمور 16: 8). ثبّت نظرك عليه وتمثل بحياته عندما كان في الأرض هنا فهو «تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالاً لكى تتبعوا خطواته» (1بطرس 2: 21).
رنم من كل قلبك:
أعود فأنت الحبيب وأنت لنفسي الضمان
أعود فأنت النصيب وأنت مليك الكيان