طيب قلوبهم أم نكد عليهم !!؟

إيليا كيرلس

هل تتضايق مني لو سألتك عزيزي: هل أنت سبب فرحه أم نكد لمن حولك!!؟

كم من الكثيرين كانوا سبب فرحه وبهجه لمن حولهم؛ لوالديهم، لعائلاتهم. بينما كان آخرون سبب مراره ونكد، وارتفاع الضغط والسكر، بسبب وبدون سبب!! كم نحتاج إلي هذه الفضيلة الحلوة: تشجيع وبركة الآخرين. دعونا نتعرف علي هاتين النوعيتين من الناس، متمنيًا أن أكون أنا وأنت من هذه النوعية العظيمة.

أولاً: هل هناك فعلاً أشخاص سبب تعب وتكدير لمن حولهم!؟

يقول الكتاب المقدس عن زوجتي عيسو ابن اسحاق ورفقه أنهما «كَانَتَا مَرَارَةَ نَفْسٍ لإِسْحَاقَ وَرِفْقَةَ» (تكوين٢٦: ٣٤).

والكتاب يحكي عن الزوجه المخاصمه أنها سبب تكدير لزوجها «اَلْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَاجٌ لِبَعْلِهَا، أَمَّا الْمُخْزِيَةُ فَكَنَخْرٍ فِي عِظَامِهِ« (أمثال١٢: ٤).

كما أن الكتاب يقول عن الابن (أو الابنه) غير الطائع لوالديه أنه سبب حزن لهما «اَلابْنُ الْحَكِيمُ يَسُرُّ أَبَاهُ، وَالابْنُ الْجَاهِلُ حُزْنُ أُمِّه» (أمثال١٠: ١).

ويوما ًجاء أصحاب أيوب ليعزوه في محنته وبلوته القاسيه، لكنهم مرَّروه وأتعبوه جدا . فمنهم من قال له إنه مصاب لأنه مُذنبٌ، ومنهم من قال له «لأَنَّ فَمَكَ يُذِيعُ إِثْمَكَ، وَتَخْتَارُ لِسَانَ الْمُحْتَالِينَ»، حتي أنه قال عنهم «مُعَزُّونَ مُتْعِبُونَ كُلُّكُمْ» (أيوب١٦: ٢).

ثانيًا: كيف يكون الشخص سبب فرحه وبهجه لمن حوله!؟

التشجيع والتعزيه: شجَّع يوسف إخوته الخائفين من انتقامه منهم بسبب أذيتهم له، وأيضًا بسبب خوفهم من مستقبلهم في أرض مصر قائلاً «فَالآنَ لاَ تَخَافُوا. أَنَا أَعُولُكُمْ وَأَوْلاَدَكُمْ. فَعَزَّاهُمْ وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ» (تكوين٥٠: ٢١). شجّع من حولك وقدِّم لهم يد المساعدة.

الدعم وليس الهدم: بينما كان موسى علي رأس التلة يرفع يده طالبًا لأجل إخوته في حربهم مع عماليق، بدأ يتعب ويداه تنخفضان، وبالتالي ينهزم الشعب. جاء هرون وحور، ووضعا حجرًا ليجلس عليه، وأمسكا بيديه لتظلان مرفوعتين للصلاة «فَلَمَّا صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ، أَخَذَا حَجَرًا وَوَضَعَاهُ تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ، الْوَاحِدُ مِنْ هُنَا وَالآخَرُ مِنْ هُنَاكَ. فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ» (خروج١٧: ١٢)، وتمت النصره على عماليق. فهل تدعم إخوتك ليواصلوا حياتهم الروحيه وصلاتهم وخدمتهم؟! أدعمهم ولا تهدمهم.

إراحة وخدمة المتعَبين: يومًا من الأيام، كان بولس أسيرًا في روما لأجل المسيح، فجاء شخص اسمه أنسيفورس، وبحث عنه كثيرًا جدًا، ليريحه ويواسيه في هذه الظروف القاسيه. فقال عنه بولس «لِيُعْطِ الرَّبُّ رَحْمَةً لِبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ، لأَنَّهُ مِرَارًا كَثِيرَةً أَرَاحَنِي وَلَمْ يَخْجَلْ بِسِلْسِلَتِي» (٢تيموثاوس١: ١٦). ليتك تريح من حولك ولا سيما وقت ضغوطهم المتعِبة.

حلاوة الرفقة الحنونة: جاء وقت على الرسول بولس فلم يجد حوله من يشجِّعه، ولا سيما وقت تحديد إقامته، فقال «الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ». لكنه طلب من شخص وحيد أن يأتي إليه سريعًا، وهو تيموثاوس، لأنه كان كابن له ممتلئًاً بالإخلاص والرِقّه. فطلب منه أن يأتي و يحضر له الرداء والكتب «بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا» (٢تيموثاوس٤: ٩). عزيزي، كن حنُونًا مُتاحًا للمُتعَبين، يلجأون إليك وقت ألامهم، واثقين أنك لن تخذلهم.

ثالثا ً: أريد أن أن أصبح بركه وفرحه لمن حولي فماذا أفعل..؟؟

التصق بالرب يسوع المسيح، فتمتلئ بصفاته، وتأخذ مشاعره، وتتحلي بحلاوة شخصه «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (روميه٨: ٢٩).

تزوَّد يوميًا بمبادئ الله الرحيمة من كلمته، وابتعد عن مبادئ الناس والعالم الأنانية القاسية «فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ» (كولوسي٣: ١٢).

تجنَّب الكلمات الجارحة والساخرة حتي ولو علي سبيل الدعابة «يُوجَدُ مَنْ يَهْذُرُ مِثْلَ طَعْنِ السَّيْفِ، أَمَّا لِسَانُ الْحُكَمَاءِ فَشِفَاءٌ» (أمثال١٢: ١٨). بل كما أوصتنا كلمة الله «لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ» (أفسس٤: ٢٩).

ضع في قلبك أن تكون حلو العشرة، يتطلع المحيطين بك إلي لقائك، لا إلى الابتعاد عنك. قال داود عن يوناثان «يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا» (٢صموئيل١: ٢٦).

أياك صديقي أن تعتقد أن الشخص المتهكِّم، اللاذع الألفاظ، يجعل الناس تحترمه ويعملوا له ألف حساب!! مطلقًا؛ فالناس قد تتحشاك لكن لا تخشاك، تنفر منك ولا تقترب إليك، تنظر اليك كمن ينظر لكائن مفترس!

أخيرًا أقول لك إن مخافتك للرب تعطيك جاذبية وهيبة حقيقية بين الناس، فلقد عاش أبونا إبراهيم مُحبًّا لمن حوله، لم يرفع سيفا ولم يقسُ علي أحدٍ، فقال له بني حث «اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي. أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا» (تكوين٢٣: ٦).

إنني أشتاق أن أكون كسيدي الذي جال يصنع خيرًا ويشفي المتعبين، المسيح الذي قيل عنه «لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ» (متى١٢: ١٩، ٢٠).

ربي اجعلني أشبه ابنك يسوع          واجعل إلهي ملكه بين الضلوع

املأني من فيض السلام واروني         حتى أصير في سلوكي كيسوع

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *