خواطر للمؤمن الشاطر

الاخ باسم شكري

أحبائي الشباب؛ كم اشتاق من قلبي أن ندخل للعمق أكثر في علاقتنا بالله. فالعلاقة مع الله هي المحرك الأساسي لكل أمور الحياة؛ في علاقتنا به نقرأ الكلمة المقدسة فتنكشف حالتنا، ونصلي فتتغير حالتنا. في العلاقة معه نعرف مشيئته، ونعيش حياة النصرة. الله وحده هو القادر أن يمنحك سلامًا، وراحة، وفرحًا حقيقيًا. في علاقتك به ستتغير وتتحرر وتنمو كما لم تختبر من قبل. دعني في كلمات موجزة أتحدث معك في بعض الأفكار مُصليًا أن تكون سبب بركة وتغير لحياتك.

علاقتك بالله

في علاقتك بالله كُن كطفل يُمسك بيد أبيه طوال الوقت، ولا يطمئن إلا وهو بجانبه. كشاب يغامر ويُبادر وينطلق، ممتلئًا بالقوة والنشاط والحيوية في حياته الروحية، يثابر ويقاوم ويجتهد. كرجل واثق الخُطى له خبرة روحية عميقة مع الله. كشيخ هادئ صامت مبتسم طول الوقت لأنه عرف ما لا تستطيع الكلمات أن تصفه.

الصلاة

الصلاة تُنير الذهن والقلب وكل الكيان، وتكشف الطريق أمامك بكل تفاصيله؛ فتبتعد بسهولة عن المطبات، والأحجار والأتربة وكل المعوقات في الطريق. وكلما صليت أكثر، زاد النور أكثر وكلما زاد النور قَلَّ التوتر والقلق وأصبحنا أكثر هدوءًا واسترخاءً واستمتاعًا برحلتنا مع السيد العظيم، والإله القدير.

درَّب نفسك أن تُصلي في كل وقت، وفي كل الظروف التي تمر بها. في بداية يومك، وقبل خروجك من البيت، وعند لقاءك بأي شخص. صلِّ بينما تسير في الطريق، أو تستقل وسائل المواصلات، صلِّ كلما سنحت لك الفرصة خلال اليوم. صلِّ وأنت تنتظر صديقك. استغل كل الوقت في الصلاة. لتختبر حياة أخرى لم تكن تتخيلها.

بعد أن تقضي وقتك في الصلاة والعبادة، تكتشف عند فتح كلمة الله أن كل حرف وكل كلمة لها تأثير عميق داخلك، تجد نور يسطع من كل كلمة في المكتوب. معانٍ جديدة وأفكار تنساب من الروح القدس إلى قلبك بكل قوة. تقف أمام بعض الكلمات لأوقات طويلة، وتبكي أمام كلمات أخرى تتلامس بقوة مع قلبك، تبتهج فرحًا أمام إعلان الله لك في بعض العبارات والأفكار. والغريب أنك بعد كل هذا الوقت الذي تقضيه أمام كلمة الله، تشعر أنك لم تبلغ نهايتها. لكن الرائع هو شعورك بأنها سكنت فيك.

في الصلاة ستجد المسيح طبيبًا يطلب منك أن تتخلى عن بعض الأمور والعادات غير الصحية من أجل صحتك الروحية، سيطلب منك أن تكفّ عن بعض الكلمات التي تقولها، وبعض الأفكار التي تملأ ذهنك، وبعض المبادئ التي تسير عليها منذ سنوات. كل هذا يجب عليك أن تطيعه في الحال.

ستجد المسيح حبيبًا يطلب منك أن تترك بعض الأشياء أو الأشخاص المقرَّبين لقلبك لأجله. لن يطلب منك أن تكرههم، لكنه سيطلب منك محبة له أكبر وأعمق من الجميع. سيطلب منك كل القلب. وعليك إن كنت تريد أن تستمر قريبًا منه أن تُطيع واثقًا أنه يستحق هذه المكانة، وأكثر.

المحبة

المحبة غير المشروطة، والقبول للآخر هو أعظم أسلحة للهجوم على عدو الخير. سلاح فتَّاك ويجعل العدو يسقط أمامك دون مقاومة. أن تحب صديقك، أن تقبل عدوك. أن تلتمس العذر للمخطئ. أن تُصلي لأجل من يعاديك، ويهاجمك، ويستفزك. أن تصمت أمام الإهانة والكلمات التي تُقال عنك من خلفك، وتطعنك في ظهرك.

المحبة شهادة مؤثرة جدًا لكل من حولك، المحبة أعظم دليل على أن المسيح يملأ قلبك، وأن لك علاقة حيَّة مع الله. المحبة هي أولى ثمار الروح، ومن ثم فهي أول شهادة عن ملء الروح القدس لقلبك وكل كيانك. ولا أبالغ إن قلت لك إن مستوى المحبة في قلبك هو المقياس لمستوى ملء الروح القدس في حياتك.

الصمت

الصمت يجعلك أكثر المستفيدين والمؤثّرين؛ ففي الصمت تتعلم أكثر، وتُدرك أن الله له معاملات وتعاملات مختلفة وعظيمة. بينما لو كنت أنت الوحيد الذي تتكلم فلن تعرف إلا طريق واحد لمعاملات الله. الصمت يجعل الآخر يتكلم، وفي هذا إفادة لك وللمتكلم. في الصمت تكتشف الآخر، وتستطيع التعامل معه. بعد أن فهمت فكره. في الصمت قوة وتأثير. في الصمت الهادئ ثقة بالنفس. لا تقل كل ما تعرفه؛ فالحكمة هي استخدام المعرفة في وقتها الصحيح. ومن يصمت باتضاع ليسمع ويفهم، لا بد وأن يمتلئ بالحكمة.

العَرَض أم المرض؟

أي مرض يكون له أعراض؛ وأعراض المرض الهدف منها أن تقودنا للكشف عن المرض، والتعامل معه. وهناك نوعان من البشر: نوع يتعامل مع العَرَض فيأخذ بعض المسكنات البسيطة، والنوع الآخر يتعامل مع المرض فيذهب للطبيب ويقوم بعمل كشف ومسح شامل وتحاليل لتحديد نوع المرض ومدى خطورته، ومن ثم يتعامل بشكل أدق معه ويتم العلاج بصورة أعمق وأدق.

من يتعامل مع العَرَض فقط يكتشف فجأة أن حالته أصبحت خطيرة والعلاج صار أصعب. هكذا المؤمنون أيضًا؛ هناك بعض الظواهر التي تعبِّر عن مرض داخلي؛ لكن مع الأسف هناك من يتعاملون معها بالمسكنات الروحية كحضور مجموعات دراسة، أو اجتماعات روحية. وهناك من يذهب للطبيب في زيارة خاصة ويكشف بشكل دقيق بالصلاة وقضاء وقت مع طبيب الروح الذي يكشف بدقة ويقول كل الحق بلا خوف أو تردد.

بدون العلاقة الشخصية مع الله فكل نشاط روحي تقوم به ما هو إلا مسكنات روحية تعالج الظاهر فقط، دون علاج حقيقي للمرض الداخلي. والكتاب المقدس يمتلئ بالأمثلة الكتابية التي توضح هذا الأمر؛ فبينما الجموع كثيرة حول المسيح لتأخذ مسكنات جاءت نازفة الدم لتكشف كشف مستعجل. وبينما الزحام في البيت شديد حول المسيح، جاء أربعة بالمفلوج طالبين سرعة الكشف عليه. وكذلك الأعمى وسط الزحام صرخ لطبيب الروح ليشفيه، وهكذا السامرية، وزكا، ونيقوديموس، والمرأة الخاطئة التي جاءت من وراءه باكية. وهكذا بطرس الذي جاء إليه الطبيب عند بحيرة طبرية ليشفيه من مرضه. وكذلك توما الشكاك. علينا أن نختار بين الحياة على المُسكنات، أو زيارة الطبيب زيارة خاصة لمعرفة تفاصيل الأمر. والعلاج الصحيح لكل داء داخل القلب.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *