من هو هذا المسيح الذي نحتاج إليه؟ ولماذا نحتاج إليه؟
هذا المسيح الذي شهد له بطرس قائلاً: ”أنت هو المسيح ابن الله الحي“ (متى 16:16).
هذا المسيح هو الذي كتب عنه يوحنا الرسول: ”في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان“ (يوحنا 1:1-3).
هو إذاً ”ابن الله الحي“ وهو خالق كل الأشياء… مانح الغفران… ومانح السلام، ومعطي الراحة للمتعبين.
يقيناً أننا نحتاج إليه! وهذه هي الأسباب:
اولا: إننا نحتاج إلى المسيح لضمان خلاصنا
فبغير جدال نحن نحتاج للخلاص من دينونة الله… ومن سلطان الشيطان… ومن ثقل خطايانا… ومن الخوف من الموت! والمسيح وحده هو الذي يقدر أن يمنحنا هذا الخلاص، ”وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ“ (أعمال 12:4).
لقد منح المسيح الخلاص للمرأة السامرية التي كان لها خمسة أزواج وانتهت بالحياة مع عشيق… خلّصها المسيح من هذا الماضي الأسود، فبشرت باسمه مدينة السامريين.. وخلّص شاول الطرسوسي الذي كان مجدّفاً على اسمه، ومضطهداً للمؤمنين به، ومفترياً على تابعيه، فأضحى بعد ذلك بولس الرسول.. وخلّص زكا رئيس محصلي الضرائب؛ وظهر خلاصه في التضحية بكل ثروته في سبيل إيمانه بالمسيح.
إننا نحتاج إلى المسيح لنوال الخلاص.. ولبدء سيرنا في الخطة التي رسمها لنا الله.
ثانيا: إننا نحتاج إلى المسيح لمواجهة عواصف الحياة التي تثور حولنا
وما أكثر عواصف الحياة!! إنها تهب في وقت لا نتوقّعه، فتهزّ كياننا، وتسلب منا هدوءنا.. وتهزّ بعنف سفينة حياتنا؛ عواصف تأتينا من مرض لا شفاء له.. أو ظروف مالية تأكل الأخضر واليابس.. أو في ظروف عائلية تقلب أعمدة بيوتنا. وهنا تظهر حاجتنا إلى المسيح.
ذات مرة دخل تلاميذ المسيح إلى السفينة، وكانوا في طريقهم إلى كفرناحوم.. وكان الظلام قد أقبل ولم يكن يسوع قد أتى إليهم، وهاج البحر من ريح عظيمة تهبّ..
ظلام.. والمسيح يسوع ليس معهم.. وهاج البحر بعاصفة شديدة..
هل مررت بظرف كهذا؟!
حاول التلاميذ أن يفعلوا ما في وسعهم دون جدوى، وفجأة نظروا يسوع ماشياً على البحر مقترباً من السفينة.. فخافوا! لم يتخيّلوا أن يسوع سيأتي إليهم ماشياً على البحر.. متحدياً الأمواج، ”فقال لهم: أنا هو، لا تخافوا! فرضَوْا أن يقبلوه في السفينة وللوقت صارت السفينة إلى الأرض التي كانوا ذاهبين إليها“ (يوحنا 20:6-21).
الأمر كله يتوقّف أن ترضى أن تقبل المسيح في قلبك، وفي بيتك، وهو حين يدخل سفينة حياتك ستهدأ العواصف وتسير السفينة في سلام وأمان إلى الموضع الذي تقصده.
ثالثا: إننا نحتاج إلى المسيح ليزيل الشك من قلوبنا
الشك يعذّب الإنسان.. وإبليس هو أستاذ زراعة الشك في القلب. وحين تكلم إبليس إلى حواء ليغويها أن تأكل من ثمر الشجرة المحرّمة قال لها: ”لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ“ (تكوين 4:3-5). وهو بهذه الكلمات زرع في قلبها الشك في صدق كلمة الله… وفي حقيقة محبة الله.. وفي يقينية دينونة الله.
وإبليس ما زال يزرع في قلب الإنسان الشك في قدرة الله، وعناية الله، وسيادة الله. والمسيح وحده القادر أن يزيل الشك من القلب.
لما جاء المسيح إلى التلاميذ وهم في سفينتهم المعذّبة من الأمواج ماشياً على البحر واضطرب التلاميذ لرؤيته، وصرخوا من الخوف، ”فَلِلْوَقْتِ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ قِائِلاً: تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ فَقَالَ: تَعَالَ. فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ“ (متى 27:14-29).
لقد جاء المسيح إلى التلاميذ ماشياً على البحر ليعلّمهم أنه سيد الريح والبحر.. وقدّم نفسه لهم باسم ”أنا هو“، وهو الاسم الذي استخدمه ”يهوه“ في الحديث مع موسى، والذي استخدمه المسيح ليعلن لاهوته فقال لليهود: ”لأنكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم“ (يوحنا 24:8). وقال لهم أن يتشجعوا… ثم أمر بطرس أن يأتي إليه ماشياً على الماء.. وعلى أساس أمر المسيح مشى بطرس على الماء، وعيناه مركّزتان في المسيح.. ولما انحرفت عيناه عن النظر إلى يسوع واتجهتا للنظر إلى الريح الشديدة خاف.. وكان خوفه نتيجة الشك الذي دخل قلبه.. وعندئذ ابتدأ يغرق.
من يزيل الشك من قلب بطرس؟ لا أحد غير المسيح الرب.. وعندئذ صرخ بطرس: ”يا رب نجني“. ففي الحال مدّ يسوع يده وأمسك به وقال له: ”يا قليل الإيمان لماذا شككت؟“ (متى 31:14).
أزال المسيح شك بطرس وأنقذه من الغرق.
وكما أزال شك بطرس، أزال شك توما الذي قال للتلاميذ الذين أكدوا له أنهم رأوا الرب ”إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع يدي في أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن“. وجاء يسوع خصيصاً لتوما وقال له: ”هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي. وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً“ (يوحنا 25:20-27).
وزال شك توما وهتف قائلاً: ”ربي وإلهي“ (يوحنا 28:20).
إننا نحتاج إلى المسيح ليزيل الشك من قلوبنا حين يهاجمنا الشك لظروف تحيط بنا.
رابعا: إننا نحتاج إلى المسيح عندما تنقلب الأعمدة حولنا
”إذا انقلبت الأعمدة فالصديق ماذا يفعل؟“ (مزمور 3:11).
نظرة إلى ما يدور حولنا، وإلى التدهور الأخلاقي، والروحي، والاجتماعي الذي وصلت إليه بلادنا.. تؤكد لنا أن الأعمدة انقلبت.. أعمدة الأخلاق.. أعمدة الحياة العائلية.. أعمدة الاقتصاد.. أعمدة السياسة.. أعمدة الرجال الذين تدهوروا إلى الطين رغم وجودهم في مراكز القوة، ومراكز السلطة.
ونحن نحتاج إلى المسيح لنواجه الأعمدة المنقلبة.. فهو وحده الصخر المتين الذي نضع فيه ثقتنا ورجاءنا.. وعندئذ نردد مع المرنم:
يسوع صخري لا يزال وغيره الكل رمال
خامسا: إننا نحتاج إلى المسيح لمواجهة ما سيأتي به المستقبل لنا
”لا تفتخر بالغد لأنك لا تعلم ماذا يلده يوم“ (أمثال 1:27).
”هلمّ الآن أيها القائلون نذهب اليوم أو غداً إلى هذه المدينة أو تلك وهناك نصرف سنة واحدة ونتّجر ونربح. أنتم الذين لا تعرفون أمر الغد. لأنه ما هي حياتكم إنها بخار يظهر قليلاً ثم يضمحلّ. عوض أن تقولوا إن شاء الرب وعشنا نفعل هذا أو ذاك. وأما الآن فإنكم تفتخرون في تعظمكم. كل افتخار مثل هذا رديء“ (يعقوب 13:4-16).
لا أحد يعرف ما سيأتي به المستقبل.
وكم من قصص حقيقية أرتنا أن كثيرين من الذين توقعوا مستقبلاً باهراً.. وصحة لا تعرف المرض، وغنى لا يقوى عليه الفقر، فاجأهم المستقبل بالكوارث والدواهي، وهؤلاء كانوا ملوكاً.. فالإسكندر الأكبر، ونابليون، وموسوليني، وهتلر، والملك فاروق، وجمال عبد الناصر، حمل لهم المستقبل الموت، والهزيمة الكبرى، وضياع الصولجان.
الوحيد الضامن لمستقبلنا هو المسيح.. وهو قد وعد المؤمنين به قائلاً: ”وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر“ (متى 20:28). وحين يأتي وقت رحيلنا عن هذا العالم، يرافقنا في لحظة الموت، فيأخذ من الموت شوكته ويجعله مجرد ظل نعبر فيه هاتفين: ”أين شوكتك يا موت؟“
عن هذا قال داود النبي: ”أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي“ (مزمور 4:23).
لقد رافق المسيح ”استفانوس“ أول شهداء المسيحية وفي وسط حنق اليهود الذين أحاطوا به ورجموه نقرأ عنه: ”وأما هو فشخص إلى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس، فرأى مجد الله، ويسوع قائماً عن يمين الله. فقال: ها أنا أنظر السموات مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله… [وانتهت حياته بالكلمات] ”أيها الرب يسوع اقبل روحي. ثم جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم: يا رب لا تُقم لهم هذه الخطية. وإذ قال هذا رقد “ (أعمال 55:7-60).
لقد عرف استفانوس وهو يدخل بوابات الأبدية أن ابن الإنسان هو نفسه الرب. فقال عندما رآه ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله.
فهل تيقنت أن يسوع ابن الإنسان هو نفسه الرب؟
هل تيقّنت حاجتك العظمى إلى المسيح؟
إنه يناديك مع من ناداهم:
”تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم“ (متى 28:11).
فتعال إليه، وخذ الراحة من يديه.