البحر الميت هو بُحيرة ملحية مُغلَقة تقع على الحدود بين الأردن وفلسطين، يشتهر بكونه أخفض نقطة على سطح الأرض (٤٠٠ متر تحت سطح البحر).
يتميز بشدة ملوحته؛ اذ تبلغ نسبة الملاح فيه ٣٤٪ وهو ما يمثِّل تسعة أضعاف تركيز الأملاح في البحر المتوسط، وذلك بسبب أن المياه التي تصُبّ فيه لا يوجد لها مخرج بعد ذلك، كما أن جفاف المنطقة وشدة حرارتها، ومعدلات البخر العالية لعبت دورًا كبيرًا في زيادة تركيز الأملاح.
يعاني منسوب البحر الميت من التراجع المستمر ويبلغ الانخفاض ١.٤ متر كل عام، مما يجعله معرضًا للجفاف تمامًا خلال مائة عام.
أُطلق على البحر الميت عدة أسماء في العهد القديم مثل “بحر الملح” و“بحر العربة” و“البحر الشرقي” و“عمق السديم”. وكان الإغريق أول من أطلقوا عليه “البحر الميت” لعدم وجود حياة فيه؛ اذ أن الأسماك، وحتى البكتيريا، لا تستطيع العيش فيه.
ولإنقاذ البحر الميت، يتم الآن دراسة مشروع “قناة البحرين” لشقِّ قناة تربط بين البحر الميت وأحد البحار المفتوحة (الأحمر أو المتوسط).
هذه الظاهرة الطبيعية تأخذ أفكارنا إلى كيان آخر ميت، وهو كيان الإنسان، وهو ميت بسبب الخطية، فهل يمكن أن يعيش الميت؟!
دعنا أولاً نجيب على السؤال التالي: ما معنى أن “الإنسان ميت”؟
الموت كان هو حكم الله على الإنسان بسبب سقوطه في الخطية «وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين٢: ١٧). وهو يعني أكثر من مجرّد موت الجسد، الذي هو انفصال الروح عن الجسد. إنه يعني أيضًا موتًا أدبيًا بالانفصال عن الله، مصدر الحياة، وكذا عجز الإنسان عن إرضاء الله. كما يعني أيضًا موتًا أبديًا من خلال انفصال الإنسان إلى الأبد عن الله بالطرح في بحيرة النار.
لذا يقول الكتاب «لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية٦: ٢٣). وطالما أنَّ «الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا» (رومية٣: ٢٣)؛ فالجميع صاروا «أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفسس٢: ١). وكالبحر الميت، هكذا أصبح الكيان البشرى، ميتًا لا حياة فيه، فالإنسان في خطيته ليس فيه ما يُسِرّ الله وهو لا يستطيع أيضًا. كذلك، في علاقته بباقي الناس، أصبح ضرره لهم أكثر كثيرًا من نفعه.
صورة لهذا الأمر نراها في مثل الأبن الذي ضل ثم رجع إلى ابيه (لوقا١٥: ١١-٣٢). عودته إلى العلاقة مع أبيه كانت هي الحياة لهذا الابن، لذا قال والده «لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ» (لوقا١٥: ٢٤، ٣٢).
هل اقتنعت صديقي أن ابتعادك عن الله – مصدر الحياة – هو الموت بعينه، حتى لو كانت حياتك تذخر بالحركة والنشاط والاستمتاع والإنجازات؟
لقد قال الكتاب عن أشخاص من ذلك النوع «أنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ» (رؤيا٣: ١)، وعن أخريات «مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ» (١تيموثاوس٥: ٦).
قال المسيح «وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا١٠: ١٠). وقال عن نفسه «أَنَا هُوَ… الْحَيَاةُ» (يوحنا١١: ٢٥). وقال عن الإيمان به «مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» (يوحنا٦: ٤٧).
لكن.. هل سبق لك أن توقفت عند إعلان الكتاب المقدس الذي مضمونه أن الإنسان يولد بالخطية؟
قال داود – ممثلاً لكل الجنس البشري: «هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي» (مزمور٥١: ٥). معنى ذلك أن الإنسان يولد وفي كيانه تسكن الخطية التي هي بذرة العصيان والموت. وما يحدث بعد ذلك أن مظاهر هذا العصيان وهذا الموت تظهران متى توفَّرت الظروف الملائمة لذلك، مثل السم الكامن في الثعبان لا يَرِد له من الخارج بل يولد الثعبان وفي جسمه استعداد لتكوينه، وكل ما في الأمر أن هذا السم لا يظهر نتائجه المميته إلا إذا بلغ الثعبان سنًا معينة.
هذا الميل للسقوط قد ورثناه من رأس الجنس البشرى «آدم»، الذي بعصيانه استحق الموت «وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيع» (رومية٥: ١٢). هذا ما يسميه البعض “الخطية الأصلية”، مع الأخذ في الاعتبار أمرًا هامًا وهو أن الله لن يدين الناس على أساس هذه الخطية الأصلية بل على أساس خطاياهم هم الفعلية، «لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ» (رومية١: ١٨).
لكن شكرًا لله لأجل المسيح، رأس الخليقة الجديدة، الذي أطاع الله ومجًّده، ثم قدَّم حياته مثل الحبة التي ماتت فأعطت الحياة لثمر كثير (يوحنا١٢: ٢٤). وكما أعطى آدم نسله الدينونة للموت، كذلك المسيح يعطي نسله التبرير للحياة.
لذا يقول الكتاب «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَة» (٢كورنثوس٥: ١٧).
لذا فالسؤال الذي لا بد أن تكون لديك إجابة واضحة عنه هو:
“هل أنت في المسيح؟”