أين أخوك؟
هذا سؤال آخر وجهة الله منذ حوالى ستة آلاف سنه إلى قايين ابن آدم الأكبر، كما نقرأ قصته في تكوين4. لقد اغتاظ قايين أن الله قبل تقدمة أخيه هابيل، و لم يقبل تقدمته هو. وبدلاً من أن يسأل عن السبب في ذلك، إذا به يغتاظ في قلبه، ويحقد على أخيه، ثم يقوم عليه ويقتله. عندئذ واجهه الله بالسؤال «أين هابيل أخوك؟» ربما تقول في نفسك يا له من شخص قاسٍ شرير، نعم إنه كذلك. ولكن ماذا عنك إذا سألك الله نفس السؤال: أين أخوك؟
من هو أخوك؟
إن المعنى المباشر لكلمة “أخوك” هو شقيقك، الذى وُلِد من أمك وأبيك. لكن يمكننا تعميم معنى الكلمة أكثر على أنه كل إنسان على وجه الأرض، بدون تفرقة للجنس أو اللون أو العقيدة؛ فجميعنا من نسل آدم أبينا الأول.
ثم إن كنت مؤمنًا بالرب يسوع، فهناك معنى أعمق لذات الكلمة؛ إذ تعنى الشخص الذى وُلد من الله بواسطة الإيمان بالمسيح يسوع المخلص، وأصبح معك ضمن عائلة الله الواحدة.
ما هو موقفك من جهة أخيك؟
اولا: بماذا تشعر عندما ترى أخاك أو تتذكره؟ هل يملأ الغيظ قلبك لأنك تحقد عليه؟ هل تحسده لأنه في وضع أفضل منك جسديًا أو روحيًا؟ هل تفرح لسقوطه أو أذيته وتتمنى في داخلك أن يفقد ما هو فيه؟ اسمع ما يقول الكتاب في يوحنا الأولى3: 15 «كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس، وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه».
إن كنت تشعر بمثل هذه المشاعر فدعني أخبرك بما عليك أن تفعل: واجه نفسك بحقيقة مشاعرك من جهة أخيك؛ لا تبرر موقفك، واعترف بمشاعر الحسد والغيرة الرديئة من جهته. تعامل معها على أنها خطية، وتذكر كلام الكتاب «من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يُقرّ بها ويتركها يُرحَم» (أمثال 28: 13). ثم تقدم إلى الأمام لتتعلم من أخيك الأمور الحسنة التي يصنعها الله في حياته.
وإن كان أخاك هذا من المؤمنين بالمسيح، تذكر أنكما أعضاء في جسد المسيح الواحد، وعلى الأعضاء أن تساعد وتسند بعضها، ليس أن تتنافس وتحسد بعضها البعض، دع الروح القدس يملئك بالمحبة الحقيقية لإخوتك لتستطيع أن تتمتع بالشركة والعشرة معهم (1كورنثوس12: 15 -27).
ثايا: هل هناك خصام بينك وبين أخيك؟ هل أساء إليك بالدرجة التي لا تستطيع أن تغفر له؟ أم هل أسأت أنت إليه، ولكن كبرياؤك يمنعك من الاعتذار عما فعلته، وبدأت تضع المبررات لذلك؟ كتب الحكيم في أمثال 17: 19 «محب المعصية محب الخصام».
هل تعلم ما عليك أن تفعل إن كان الحال كذلك؟ اذهب اصطلح مع أخيك؛ سواء كنت أنت المخطئ أو المُخطأ في حقه. استمع لقول الكتاب في متى 5: 23، 24 إن «تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك… اذهب أولاً اصطلح مع أخيك»، اكسر كبرياءك الشخصي، وتواضع تحت يدى الله، ولا تعطِ إبليس مكانًا ليفسد شركتك مع إخوتك. ومن الجهة الأخرى اسمع لقول الرب في متى 18: 15 «إن أخطأ إليك أخوك فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما»، لا تنتظر أن يأتي هو إليك، ولكن تسلح بنية الغفران الحقيقية، وتذكر غفران الله لك في المسيح يسوع. اذهب إليه، وكن متسلحًا بروح الوداعة والمحبة الصادقة، ولديك الرغبة المخلصة في رجوع علاقة الشركة بينكما.
ثالثا: لقد كان جواب قايين «لا أعلم؛ أحارس أنا لأخي؟» هل هذا وضعك أنت أيضًا؟ هل لا يعنيك شأن أخيك في شيء؟ هل تعرف أن أخاك بدون المسيح ينتظره عذاب أبدى؟ هل لديك مشاعر صادقة مثل الرسول بولس الذى قال «لي حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع..لأجل إخوتي» (روميه9: 2، 3).
عزيزي؛ تحمل مسؤوليتك من جهة إخوتك. اقترب من الله حتى يملأ قلبك محبة للنفوس الهالكة المسكينة البعيدة عن المسيح. صلِّ من أجل هذه النفوس بأسمائها. اطلب قوة من الرب وتقدم إلى الأمام لتقديم بشارة الإنجيل المُفرحة لهذه النفوس المتعبة «أنقذ المنقادين إلى الموت والممدودين للقتل لا تمتنع» (أمثال24: 11 ). قل مع أولئك الذين قالوا قديمًا «لسنا عاملين حسنًا. هذا اليوم هو يوم بشارة ونحن ساكتون. فإن انتظرنا إلى ضوء الصباح يصادفنا شر فهلم الآن» (2ملوك 7: 9).
رابعا: ومن الجهة الأخرى، دعني أسألك: هل تهتم باحتياجات إخوتك؟ وهل تشاركهم ظروفهم؟ هل أنت تفرح مع الفرحين وتبكى مع الباكين (روميه 21: 15)؟ لا تكن أنانيًا، لقد أخذت كثيرًا واحتفظت به لنفسك، فتذكر «كلمات الرب يسوع أنه مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» (أعمال20: 35).