أحيانًا نتخيل خطأ أنه طالما أن المؤمن مكرس للرب ويخدم الرب، فيجب أن يريحه الرب من كل جهة، ونحبط عندما نجد أن نصيب الخدام وافر من الآلام ربما أكثر من غيرهم من المؤمنين.
هذا لكي يكون طابع خدمة المؤمن واقعيًا ويعرف أن يعين المجربين كسيده من واقع خبرة حياتية “تألم مجربًا فمن ثم يقدر أن يعين المجربين” (عب2: 18 ).
نكتشف مع الوقت أن الضغوط زادت من خدمتنا عمقًا ولم تكن كما ظننا أنها لإتلاف الخدمة وإفسادها أو لأن الرب غير راض عن خدمتنا ولا يريد لنا الاستمرارية، لكنه على العكس كان يقصد لنا الإثمار والبركة “عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعًا لهم أيضًا ببركات يغطون مورة” (مزمور84 : 6).
وعادة المدرس يعطي الأسئلة الصعبة للتلميذ النجيب وليس البليد، فكان الترمل المبكر من نصيب امرأة من نساء بني الأنبياء زوجها كان يخاف الله، والعواقر اللاتي ذكرهن الكتاب أغلبهن تقيات، وأسرة بيت عنيا أفضل أسرة وكان هو البيت الذي دخله المرض والموت، وأيوب أفضل بني المشرق وبشهادة الرب نفسه يتقي الله ويحيد عن الشر، لكن كان من نصيبه التجارب المركبة.
رغم أن التجارب من نصيب جميع المؤمنين بمن فيهم الخدام إلا أنها في حياة الخدام لها وقع خاص وتتمثل في الآتي
اولاً: أن الآخرون يظنون أنه سوبر مان وليس من فئة البشر مع أن إيليا مع كل شجاعته كُتب عنه “إنسانًا تحت الآلام مثلنا” (يعقوب 5) وينسون أن التجارب تشعره بالضعف والإحتياج للإستناد على نعمة الله
ثانياً: الضغط النفسي بين ما يعيشه وبين ما ينبغي أن يعيشه ناهيك عن ضغط الإخفاء في حد ذاته يُسبب ضغطًا نفسيًا للخادم الأمين الذي يحس بالرياء لإختلاف ما يعيشه من صراع وما يرجوا أن يعيشه ويقدمه للآخرين.
ثالثاً: إلتزامه بتقديم العلوفة في حينها للمخدومين، بالرغم مما يواجهه من ظروف شخصية وأسرية، فكم من مرات حاول أن يحافظ على إبتسامته ليشجع محبطًا أو يسند متألمًا أو يعزي حزينًا ليرجع بعدها ساكبًا دموعه أمام إلهه.
كيف يواجه الخادم الضغوط؟
اولا: بتوقعها: قال سمعان للعذراء مريم: “وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف”، فعندما صُلب ابنها أمام عينيها لم تنهار، بل كانت ثابتة في التجربة وكانت ضمن الواقفات عند صليب المسيح.
ثانياً: بترقب نتائجها: ليس فقط التأثير الإيجابي على الشركة مع الرب والخدمة مثلما حدث مع أسرة بيت عنيا (قارن لوقا 10 مع يوحنا 12) وعلى النضوج الروحي (يعقوب 1: 4 ) وعن طريقه نتحلى بالصبر لأن الضيق ينشيء صبرًا ( رومية 5: 3 )، لكن لا يقتصر على ذلك فقط، بل الأمجاد العتيدة التى تنتظر المتألمين “طوبي للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة” ( يعقوب 1: 12)، “لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشي لنا أكثر فأكثر ثقل مجدٍ أبديًا” (2كورنثوس4: 17 ).
ثالثاً: بطلب معونة الرب في وقت الضغوط: عادة كل مرحلة لها ضغوطها وقد تأتي ضغوط مختلفة في أوقات مختلفة من أماكن مختلفة قد تكون مرة في العمل ومرة أخرى في الصحة ومرة ثالثة من شركاء الخدمة أو الكنيسة ومرة في البيت، فنظن أن حياتنا من ألم إلى ألم، لكن في كل مرحلة لنا عونًا في حينه (عبرانيين4: 16)، ففي كل ساعة، بل في كل لحظة لنا معونة نطلبها من الرب ونأخذها لهذا شجع كاتب العبرانيين المجربين بأن نتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال عونًا في حينه.
رابعاً: بالتأمل في منافذ الرب: فالرب لا يغلق جميع الأبواب، بل يعطي مع التجربة المنفذ حتى نستطيع أن نحتمل وكلمة منفذ (1كورنثوس 10: 13) يعني أن هناك مشجعًا معينًا يرسله الرب حتى لا تضيق نفوسنًا وتنكسر وقت التجربة.
خامساً: الاستفادة من تشجيعات المؤمنين وشركاء الخدمة وحتى المخدومين: قد نُشجع في طول الخط وقد نصلي مع المجربين والمنحنين، لكن لا ننسى أننا بشر تحت الألم، فتأتي أوقات فيها ننكسر ونضعف وننحني ونكتئب ونحتار، فنحتاج أن نستفاد من قوة الشركة مع المؤمنين وأعضاء الجسد.
سادساً: بالحرص على ردود الأفعال: التجارب تشبه أسئلة إجبارية في ورقة الامتحان ودورنا هو الإجابة على هذه الأسئلة، واجه الرب موقفًا صعبًا وهو أن خدمته التى صنع فيها أكثر قواته في كفر ناحوم لم تأتٍ بثمر لكننا نجده يقول: “فأجاب يسوع وتهلل بالروح أحمدك أيها الآب .. لأن هكذا صارت المسرة أمامك” (متى 11: 20، 26). فما يحسب لنا أو علينا ليس هو السؤال أو الموقف، بل رد فعلنا في التجارب. فليتنا نخافظ على اتزاننا وتوازننا.
سابعاً: بالتسلح بنية الصبر والاحتمال: قد تطول التجربة، ففي هذه الحالة إلى أن يحين وقت الخروج منها يعوزنا التسلح بنية الاحتمال (1بطرس4: 1)، قال بولس للمتألمين صبرتم لكنكم تحتاجون إلى الصبر (عبرانيين10: 32؛ 36)، بمعنى أنكم تحتاجون لمزيد من الصبر.