خلال شهر مارس الماضي وبالتحديد خلال أيام معدودة فيه ، وقعت حوادث كارثية في ربوع وطننا العزيز، مصر، بداية من السفينة الجانحة بقناة السويس والتي شلّت حركة الملاحة بها، ثم تصادم قطارين بسوهاج، ثم سقوط عمارة بالقاهرة بجسر السويس، ثم سقوط كوبري، ثم حريق بمحطة قطار الزقازيق، لنشارك بالوجع والصلاة في ذات الوقت لأجل شركاء الوطن، الذين فقدوا أعزاءهم أو أُصيبوا أو تضرروا بطريقة أو بأخرى.
وإن كان هناك مَنْ يتبنون نظرية المؤامرة بأن هناك أيادي خفية تعمل هذا وإن كنت أرى أن هذا الاحتمال ضعيف، إن لم يكن في كل الحوادث، فهو في أغلبها.
وبعيدًا عن الخزعبلات المتداولة عن لعنة الفراعنة، مثل هذه الخرافات التي يتبرهن حمقها في نور الكلمة المقدسة وحتى في ضوء العلم الحديث.
وبعيدًا عن حقيقة السماح الإلهي وأنه لم يحدث شيء في غفلة منه وبعيدًا عن تقصيرات البشر التي لها دور فيما يحدث وهل هذا بقصد أو بدون، فأعتقد أن هذا دور الجهات الرقابية في البلاد التي لن تتأخر في محاسبة المتهورين وتحكم عليهم بأقصى قصاص.
فأشعر أن الأمر يحتاج إلى الصلاة لأجل سلامة البلاد. فمن خلال كلمة الرب نعرف أن العدو يستهدف الأوطان ورؤساء الأوطان بحروب شرسة ليزعزع سلام شعبها (راجع حزقيال28: 12، دانيآل10: 13)، لهذا أوصانا الكتاب أن نصلى لأجل الوطن “صلوا لأجلها (المدينة) إلى الرب لأنه بسلامها يكون لكم سلام” (إرميا29: 7). ولأجل الرؤساء وكل من هم في منصب لكي نقضي حياة مطمئنة هادئة، هذه النوعية من الحياة الهادئة تؤول إلى تحقيق إرادة الله الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تي2:1- 4).
أما عن جنوح سفينة في قناة السويس وتعطل المجري الملاحي ستة أيام كاملة، حادثة أخذت أبصار العالم كله وهنا جال بفكري: هل من الممكن استخلاص بعض الدروس من هذا الحدث الجلل، فلا أحد يختلف على أن الله من الممكن أن يتكلّم من خلال الأحداث ومن له أذنان للسمع فليسمع (لوقا8: 8). وما أكثر المرات التي فيها رأينا الأحداث كوسائل إيضاح حتى في أيام رب المجد على الأرض.
فلقد ذكرتني السفينة الجانحة بالآتي:
1- المؤمن في سقوطه ليس فقط تتعطل حظة الله في حياته، لكن من الممكن أن يعثر الكثيرين ويتعطل الكثيرون بسببه (يوحنا21 : 3).
2- إن المؤمن مكانه ومقامه في السماويات وليس الركود في وحل الأرضيات، فهناك من نسوا مركزهم وجنسيتهم وأصبح كل فكرهم في الأرضيات (في3: 19).
3- السقوط له ضريبة والعصيان له ثمن: فلقد لوّح المسؤلون في البلاد بأن الخسائر الاقتصادية الرهيبة سوف تتحملها الشركة المالكة للسفينة ولا نعلم ما مدى فاعلية هذا الكلام، لكن الكلام الحقيقي من جهة سقطات المؤمنين هو أن الخطية خاطئة جدًا “تركت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء”، فإن الخطية لها حصاد حتى وإن كان لها غفران.
4- السقوط والانحدار سهل والخطوات تتلاحق وبسرعة، لكن الرجوع يحتاج للمعونة الخارجية وهكذا المؤمن في تيهانه يحتاج إلى الرب لكي يرد نفسه ويهديه لسبل البر من أجل اسمه يحتاج لمحيطين به أقوياء يقيمون بكلامهم العاثر (أيوب 4: 4).
5- خطورة السرعة الزائدة: حدود سرعة السفينة ثمانية عقدة، لكنها تجاوزت السرعة إلى 12 عقدة وهذا يحذّرنا من خطورة السرعة الزائدة وتأثيرها على حياتنا في كافة الاتجاهات الروحية والنفسية والجسدية (راجع إش30: 15؛ 1تس4: 11؛ 2تس3: 12).
6- العالم كله يتابع السفينة الجانجة: ألاف السفن تسير في البحار ولا أحد يتكلم عنها، لكن بمجرد جنوح هذه السفينة صارت قبلة أنظار العالم وتحليلاته على كافة الأصعدة وهكذا المؤمنون والخدام يعملون الكثير من الأعمال، دون أن يلتفت أحد إليهم، وما أن يسقط شخص إلا والكل يحلل ولا عجب!، فلقد قال بولس: “صرنا منظرًا للعالم للملائكة والناس” (1كو4: 9).
7- كانت المشكلة الاساسية في مقدام السفينة الذي أنغرس في الرمال وجر معه السفينة وكان الحل الأمثل – الذي نال تهكم الكثير من المتابعين حول العالم – بإستخدام الكراكات فبالطرق البدائية تم فك المقدام من الطين وهكذا علاج كل ازمة كنسية سببها وعلاجها في قيادة القواد فالنجاح والسقوط في شعب الرب مرتبط في الكثير من الأحيان بنجاح أو سقوط القادة لهذا كان لها كل الحق دبورة عندما قالت ” لأجل قيادة القواد باركوا الرب ” (قض5: 2)
الاخ انور داود