«وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّالنُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَأَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْشِرِّيرَةً» (يو3:19)
عندما سقط الإنسان في الخطية، صارت فيه طبيعة فاسدة شريرة، جعلته يحب الظلمة، أي يحب فعل الخطية والشر. فأول شخص يُولد هو قايين، لكنه قام على أخيه هابيل وذَبَحَهُ، «وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ» (تك4؛ 1يو3: 12). وقبل مجيء الطوفان على الأرض، نقرأ «أَنَّ شَرَّالإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِقَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ، وَفَسَدَتِ الأَرْضُ، وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ ظُلْمًا» (تك6). وأهل سدوم اتصفوا بالنجاسة والشذوذ (تك19). والفلسطينيون حسدوا إسحاق فطموا جميع الآبارالتي حفرها عبيد أبيه إبراهيم، وملأوها ترابًا (تك26). واغتصب شكيم بن حمور دينة ابنة يعقوب وأذلها، فقام شمعون ولاوي أخوا دينة وقتلا كل ذكر في مدينة شكيم، ونهبوا المدينة (تك34). وصنع بنو إسرائيل عجلاً ذهبيًا وسجدوا له،وذبحوا له «وَقَالُوا: هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ» (خر32)، وتمردوا على الله في البرية، وتذمروا ولم يسمعوالقوله (عد14). وأخذ عاخان بن كرمي من الحرام وسرق رداءً شنعاريًا نفيسًا وفضة ولسان ذهب (يش7). وقام أبيمالك ابن جدعون وقتل إخوته، سبعين رجلاًعلى حجر واحد، وملك مكان أبيه (قض9). وتمرّد أبشالوم على أبيه داود وأراد أن يقتله ويأخذ المُلك منه (2صم17).
ويصف الكتاب ما يفعله القاتل والزاني واللص بهذه الكلمات:
«مَعَ النُّورِ يَقُومُ الْقَاتِلُ، يَقْتُلُالْمِسْكِينَ وَالْفَقِيرَ، وَفِي اللَّيْلِ يَكُونُ كَاللِّصِّ. وَعَيْنُ الزَّانِي تُلاَحِظُ الْعِشَاءَ.يَقُولُ: لاَ تُرَاقِبُنِي عَيْنٌ. فَيَجْعَلُ سِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ. يَنْقُبُونَ الْبُيُوتَ فِي الظَّلاَمِ. فِي النَّهَارِ يُغْلِقُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. لاَ يَعْرِفُونَ النُّورَ» (أي24: 14–16).
والكتاب يصف الإنسان الشرير بأنه:
«ظُلْمَةٌ»(أف5: 8)،
ويعمل «أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ» (أف5: 11)،
«يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ» (يو8: 12)،
«يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ» (يو12: 46)،
وقلبه مُظلِم كما هو مكتوب: «أَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ» (رو1: 21)،
وفكره مُظلِم«إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ» (أف4: 18)،
وذهنه مُظلِم «إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ» (2كو4: 4)،
وخاضع للشيطان الذي هو «سُلْطَانُ الظُّلْمَةِ» (لو22: 53)،
ومصيره الأبدي هو «الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ» (مت8: 12).
دعونا نترك الإنسان بظلمته كما هو مكتوب: «كُفُّوا عَنِ الإِنْسَانِ الَّذِي فِي أَنْفِهِ نَسَمَةٌ، لأَنَّهُ مَاذَا يُحْسَبُ؟» (إش2:22)، ونتجه إلى المسيح «النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ» (يو1: 9)، الذي بمجيئه تحققت النبوة: «اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ» (إش9: 2؛ مت4: 16).
فالنور يكشف كل شيء، والرب يسوع بمجيئه للأرض كشف شرالإنسان المظلم وفساده، وأيضًا كشف قلب الله المحب كذا قداسته (حب1: 13). وقال الرب يسوع: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»(يو8: 12).
لكن لكي يكون لنا نور، صارت ظُلمة ثلاث ساعات على المسيح وهو معلَّق على الصليب، عندما احتمل الآلام الكفارية من يد الله العادل، لأنه –تبارك اسمه – كان نائبًا وبديلاً عنا.
وكل من يؤمن قلبيًا بالرب يسوع ينتقل من الظلمة إلى النور «لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ»، فالمؤمن لا يعيش في الخطية (رو6: 2)، بل يُبغضها: «يَا مُحِبِّي الرَّبِّ، أَبْغِضُوا الشَّرَّ» (مز97: 10)، ويعيش حياة القداسة العملية مظهرًاصفات المسيح الجميلة والرائعة، كقول المسيح: «أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ …فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (مت5: 14-16).