قصتي وقصتك

راديو مياه الراحة

هل طرقك مستقيمة، أم أنك تخشى يوم الحساب؟

هلا توقّفت قليلاً وراقبت الناس من حولك.

إن البشر يلهثون وراء المال والنجاح والشهرة. أيديهم ملآنة بالذهب والفضة. منازلهم عامرة بالتحف والأثاث ولكن قلوبهم خاوية من السلام، بيوتهم تفتقد السعادة والشعور بالأمان. يسخّرون العلم لراحتهم فيسقطون صرعى التوتر والقلق وضحايا السرطان وأمراض القلب.

إنهم تعساء، خائفين، مرتعبين وبحاجة روحية شديدة.

قلوب خادعة

باع أولاد يعقوب أخاهم يوسف الصدِّيق بسبب غيرتهم منه وكراهيتهم له. كما أنهم خدعوا أباهم مدّعين أن ذئباً قد افترسه.

ولقد قصد الله بيوسف خيراً، وقد توهّم إخوته أنه الشر. فقد رفّعه الله وأصبح هو الرجل الثاني – بعد فرعون – على كل أرض مصر.

ومرّت السنون ومَثُل إخوة يوسف أمام أخيهم عندما اضطرّهم الجوع أن يرتحلوا إلى أرضه، لكنهم لم يعرفوه، أما هو فعرفهم.

سأل يوسف إخوته: ”هل أنتم جواسيس؟“ فأجابوه دون تردد: ”نحن رجال أمناء، ليس عبيدك جواسيس“.

عرف يوسف أنهم ليسوا أمناء، فقد ذاق مما أضمرت قلوبهم الخادعة من حقد وكراهية.

 وعندما ضيّق يوسف على إخوته بالأسئلة، أدركوا جرمهم. فما فعلوه بأخيهم أزعج ضمائرهم حتى أنهم قالوا بعضهم لبعض: ”هذا ذنب أخينا“.

لكن ماذا كان باستطاعتهم أن يفعلوا بعدما تكشّفت لهم قلوبهم؟ إلى من يذهبون وكيف يرجعون عن أعمالهم الشريرة؟

لقد اعترفوا بخطاياهم ليوسف عندما أعلن نفسه لهم وسألوه صفحه وغفرانه. لم يقابل يوسف الشر بالشر، فقد قصد الله أن يكون منقذاً لكل الذين كرهوه من الجوع والفناء. لقد تعاطف يوسف مع إخوته وهيّأ لهم أن يشتركوا معه في مجده، فكان فرحهم عظيماً. (سفر التكوين اصحاح 37 – 46)

الحاجة إليه

أليست هذه هي قصتي وقصتك يا عزيزي القارئ الكريم؟

فكثيراً ما نشبه إخوة يوسف… نتقدّم إلى الله ونحن لا نعرفه، ونطلب ”قمحاً“ أو ”سلاماً“  ونعتقد أننا أمناء مستقيمون ونحن نعرف حقيقة قلوبنا التي تكره وتخدع وتحقد. فنفوسنا أمّارة بالسوء لأن نبع القلب قد فسد بفعل عصيان آدم – أبونا الأول –  وتمرّده على الله… وورثنا عنه هذا القلب الفاسد.

إن يسوع المسيح – الله الذي تمثّل بشراً – هو الكفارة عن خطايانا، فقد صُلب ليرفع عنا عار خطية التمرّد على الله. لقد صلبه الإنسان، لكن الله رفّعه وجعله رأساً للجميع.

الله فاحص القلوب والكلى، يعرفك بالذات ويعرف أعماق قلبك الخاطئ، فلا تزعم مثل إخوة يوسف أنك بار وأمين ومستقيم.

لا تنتظر إلى يوم الحساب. اذهب إلى الرب يسوع المسيح الآن، إنه يريد أن يخلّصك من خطاياك ويعطيك قلباً جديداً فتختبر سلام الله الذي يفوق كل عقل.

أرجو أن تشاركني بهذه الصلاة.

”يا رب… ارحمني أنا الخاطئ، خلّصني من خطاياي. إني أؤمن بيسوع المسيح، الله الذي تجسّد في صورة بشر… أثق به وألجأ إليه، فبرحمته أخلص وأحيا، وبمحبته أنجو من الذنب والمعصية. ثبّتني في شخصك، إكراماً للفادي… آمين“.

 جاء المسيح من وراء الغمام يجول شعاب الأرض ومنعطفاتها الخفية بحثاً عن الإنسان وعن إنسانيته الضائعة في الحدود والمقاييس… وإذ وجده مُلقى في بعض المسالك أخذه برفق، ورفعه إليه فساواه بنفسه وافتداه بروحه.

أجل، كل من يود التأكد مما صنعه المسيح لأجل الإنسان من المآثر والعظائم، فليمضِ إلى الجلجثة. فهناك تنحسر الظلمة وتتفرّق السحب. سترون المحبة مشرقة على الصليب ناطقة بلا لسان، ومشيرة بلا بنان. سترون بديل السماء معلقاً هناك… يصلي لأجل أعدائه وصالبيه. لا بل سترون قيمة الإنسان، والثمن البالغ الذي به اشترى حريته.

لقد حظي الإنسان رغم سقوطه، بمحبة المسيح وإكرامه. انحدر المسيح إلى الأرض كي يعيش إلى جوار الإنسان، ويقاسمه حظه من الشقاء والتعب، وبذلك يشترك الإنسان بسجايا المسيح وكماله.

هكذا تنازل المسيح من عرشه، فعاش حياة الإنسان وتجسّد في كل من قَبِله مخلصاً، ورفعه إلى عرشه النوراني، وسكب في قلبه قبساً من اللانهاية. نزل المسيح إلى مستوى الإنسان كي يرفع الإنسان إلى مستواه. فابن الله يصير ابن البشر والعبد يصير ابناً. لأن العبد لا يعلم إرادة سيده ولكن الابن يعلم. هذه البنوة التي أنعم بها الله على الإنسان هي حجة عظمى وبرهان أسمى في قضية الخلاص والفداء، تلك المنزلة التي قرّبت الإنسان من بارئه، فرُمِّمت الثغرة وتدانت المسافات على امتدادها – ”الرحمة والحق التقيا. البر والسلام تلاثما“.

أخي العزيز، إلهنا يفتش عليك ويحبك وهو جاء من أجلك. تأمل في محبته وأنت تقرأ هذه المواضيع على صفحات هذه المجلة.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *