دعني أفتح قلبي قليلاً وأتكلم عما يجيش في قلبي
في علاقتي مع الرب أحياناً ينتابني ذلك الإحساس، وهو أنه يتأخر على دائماً، وأيضاً أحيانا أشعر أني في علاقتي مع الرب وكأني مثل الطفل الذي (يشبط) في لعبة تافهة ويلح على والده لكي يشتريها له ثم يكسرها في النهاية.
أحياناً أجد نفسي أصلي إلى الله في أمور أعتبرها مصيرية وأنه لابد من سرعة الإستجابة وإلا سوف تنقلب الدنيا، وبحسب عيوني أرى أنه لا وقت للإبطاء الذي عودني عليه الله، ولسان حالي يقول له في صلاتي: “اسمعني هذه المرة يارب أسرع بهذا الطلب، انت مش عارف الأمور لو اتأخرت هيحصل ايه؟”
لكن في هذا الوقت بالذات أجد الاستجابة بطيئة جداً، عندها أبدأ في لوم الرب قائلاً: “لا يارب، ليس هذا وقت (التطنيش) ولا وقت عدم الإستجابة أو التلكؤ في الإستجابة”.
بالطبع أنا لا أقول هذا باللسان، فأنا مؤدب مع إلهي وخالقي، ولكني أتحدث عن خلجات قلبي وإحساساتي التي اتفقنا أنا وأنت عزيزي القارئ أن أعُبر عنها أمامك بصراحة.
المهم، وأنا أكتب هذه الكلمات أنا بالفعل أمام واحد من تلك القرارات المصيرية التي حدثتكم عنها في بداية كلامي، وأصلي الآن للرب، وبداخلي احساس “اوع تتأخر على يارب … عايزين الموضوع ده يتحسم قوام قوام” ولكن عندما فتحت الكتاب المقدس لأقرأ ابتسمت … لأن الرب أعطاني قصة عائلة كانت تطلب الرب بإلحاح شديد، ياترى رد فعل السيد كان إيه؟؟؟
القصة كانت في إنجيل يوحنا الأصحاح الحادي عشر. هذا الأصحاح الذي يضم قصة موت لعازر، وأيضاً قيامته من الموت، في الواقع هذا الجزء من الإنجيل قتلته بحثا، لذلك ظننت أنني لن أخرج منه بأي تعليم جديد، ولكن في هذه المرة أيضاً يخيب ظني إذ أجد أن الله يجهز لي وجبة دسمة لم أتوقعها. وفي هذه المرة لفت انتباهي ذلك الأمر الذي سأشاركك به.
في البداية تأتي الرسالة إلى الرب يسوع من مرثا ومريم:
لعازر الذي تحبه مريض
وأنا دائما أتصور أنه يوجد بين الرب يسوع وتلك العائلة (عشم زايد) وأتخيل نفسي مكان مرثا أو مريم .. وهم يرون لعازر طريح الفراش .. ويسألون ذلك المرسال الذي أرسلوه ليسوع:
هل ذهبت إلي يسوع؟
أجل
ماذا قلت له؟
قلت الذي حدث .. لعازر الذي تحبه مريض.
– إذاً لا مشكلة .. أكيد لن يتأخر، بل أنه حاليا أكيد هو في الطريق، بالطبع هو ترك كل شيء وابتدأ يعد العدة للمجيء، أليس كذلك؟
فيرد المبعوث قائلاً:
– ولكن أنا لم أر أن هذا الأمر حدث . بصراحة لم ييدو عليه أنه ينوي أن يترك مكانه ويسافر إلى أي مكان.
أرى بعيون الخيال مرثا تنظر إلى المبعوث بشك ثم تقول:
– لا. غير معقول .. هو أكيد سوف يترك كل شيء ويأتي .. أنت لا تعرفه مثلما نعرفه نحن.
وتمر الأيام ولا يأتي يسوع، هل هذا معقول؟ .. ويشتد مرض لعازر، والرب يسوع لا يأتي، تأخرت أيها السيد .. لابد أنه سيأتي، ولكن متى؟ …
ويموت لعازر .. تأخرت يارب .. كان من الممكن أن تشفيه، هل من الممكن أن تقيمه من الموت؟ ربما من الممكن أن تقيمه.. لقد فعلتها من قبل .. لكن عليك أن تأتي قبل الدفن ..
ولكنه أيضاً لم يأتِ.
ويدفن لعازر.. تأخرت يا يسوع كثيراً، المشاعر تضطرب أكثر … لم نعهد في يسوع هذا التخلي … ها هو لعازر في كفنه ونستعد أن ندفنه … هل من الممكن أن يقيمه السيد حتى بعد الدفن؟! .. ربما ولكن عليه أن يأتي قبل أن ينتن الجسد.
ولكن الجسد ينتن، وينتاب الأختان اليأس والإحباط … لقد تأخر يسوع، والذي يحبه قد مات وانتن وله ثلاثة أيام في القبر، هل بالفعل يحبه؟ هل سيأتي حتى على الأقل لمؤازرة الأختين وتقديم واجب العزاء مثلما يفعل كل الأصدقاء والأحباء؟!
ربما، ولكن في الواقع كانت التوقعات أكبر من مجرد مواساة … كنا ننتظر منه أكثر.. ولكن علينا أن نرضى بما سيفعل
تأخرت يا يسوع
***
وهذه هي مشكلتنا مع الله، نريد أن نحركه على حسابنا نحن وبحسب طريقة تفكيرنا نحن .. من الممكن أن نكون واثقين فيه لكن الأمور عليها أن تسير بحسب فكرنا نحن وإرادتنا نحن، وإلا ( مش هينفع)
الآن .. ها أنا قد أنهيت كلامي.. وكلنا نعرف نهاية قصة لعازر، لقد خلق المسيح جسداً جديداً للعازر لأن الجسد الأول كان قد أنتن، وخرج لعازر من القبر… هذه كانت النهاية لكني فكرت في المشاعر التي هي قبل النهاية، ومن جديد تذكرت حالي، أنا الآن في مرحلة الإنتظار .. وبداخلي تلك الإحساسات التي انتابت مريم ومرثا.
ولكن بقراءتي للكلمة المقدسة وصلتني الرسالة.. وعند نهاية القصة (قصة انتظاري) أكيد سأضحك من نفسي، وربما أسجد لإلهي أطلب الغفران، ولكني الآن أثق أنه لن يصل متأخراً أبداَ..
ولكن .. ربما أنا الذي أقدم شكري متأخراً، ولهذا قصة أخرى …